اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 267
يتعظ بها هو ومن تبعه وَتَفْصِيلًا توضيحا وتبيينا متعلقا لِكُلِّ شَيْءٍ اى لكل حكم من الاحكام المتعلقة بأمور معاشهم فَخُذْها اى فقلنا له خذها ايها الداعي للخلق الى الحق بِقُوَّةٍ عزيمة صادقة وجزم خالص وَأْمُرْ قَوْمَكَ ايضا يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها يعنى بعزائمها دون رخصها حتى تستعد نفوسهم لان يفيض عليها المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات التي هي عبارة عن الجنة المأوى والفردوس الأعلى والرتبة العليا عند العارف المحقق ولا يميلوا عنها وعن أحكامها حتى لا يلحقوا بزمرة الفساق المنحطين عن رتبة الخلافة الانسانية وبالجملة سَأُرِيكُمْ في النشأة الاخرى ايها المائلون عن مقتضى الاحكام الإلهية التي هي صراط الله الأقوم دارَ الْفاسِقِينَ التي هي عبارة عن جهنم الحرمان وجحيم الخذلان وسعير الخيبة والخسران أعاذنا الله وعموم عباده منها.
ثم قال سبحانه سَأَصْرِفُ أميل واغفل عَنْ آياتِيَ الظاهرة في الآفاق والأنفس الدالة على توحيدي واستقلالى في عموم التصرفات الكائنة في الآفاق والتدابير الجارية فيها بالاستقلال والاستحقاق القوم الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ ويمشون خيلاء فِي الْأَرْضِ وهم يظلمون عليها بِغَيْرِ الْحَقِّ لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم وَهم من نهاية جهلهم المركوز في جبلتهم إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ دالة على الصدق والصواب لا يُؤْمِنُوا بِها عتوا وعنادا وَبالجملة إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ والهداية لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا لعدم موافقة طباعهم إياه وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ والضلال يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا لميل نفوسهم نحوه بالطبع ذلِكَ اى الصرف والانحراف العارض لهم والاهوية الباطلة والآراء الفاسدة كلها بِأَنَّهُمْ من غاية انهماكهم في الضلال قد كَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على توحيدنا المنزلة على رسلنا وَكانُوا من غاية جهلهم عَنْها وعن الامتثال بها والعمل بمقتضاها والتدبر في معناها غافِلِينَ غفلة مؤبدة لا تيقظ لهم منها أصلا. نبهنا يا الله بلطفك عن نومة الغافلين يا ذا القوة المتين
وَبالجملة المسرفون المفرطون الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الظاهرة عن اوصافنا الذاتية حسب اسمنا الرّحمن في النشأة الاولى وَلِقاءِ الْآخِرَةِ اى كذبوا برجوع الكل إلينا حسب اسمنا الرّحيم في النشأة الاخرى أولئك الأشقياء البعداء المردودون المطرودون هم الذين قد حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وضاعت بضائعهم وأموالهم وهم قد خسروا فيها في الاولى والاخرى هَلْ يُجْزَوْنَ وما يجازون باحباط الأعمال إِلَّا بمقتضى ما كانُوا يَعْمَلُونَ يفترون ويكتسبون لأنفسهم من تكذيب الآيات والرسل المنبهين لها المبينين لمقتضاها ومن جملة الأسباب الموجبة لإحباط أعمالهم اتخاذهم العجل آلها
وَذلك انه قد اتَّخَذَ وأخذ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد ذهابه الى الميقات عند ربه مِنْ حُلِيِّهِمْ التي قد ورثوها من القبط بتعليم السامري إياهم عِجْلًا اى صورة عجل وبعد ما اذابوا الحلي وصاغوها على الوجه الذي خيلوه القى السامري عليها ما قبض من تراب حافر فرس جبرئيل عليه السّلام فصارت جَسَداً عجلا نيئا لَهُ خُوارٌ صوت كصوت البقر فقال لهم السامري هذا إلهكم واله موسى فاتخذوه آلها مع انهم قد صاغوه بأيديهم من حليهم أَيأخذون العجل المصوغ آلها أولئك الهالكون في تيه الغفلة والنسيان ولَمْ يَرَوْا ولم يعلموا ولم يتفطنوا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ اى العجل المصوغ المصنوع بكلام دال على صلاحهم وإصلاح حالهم وَلا يَهْدِيهِمْ ولا يرشدهم سَبِيلًا الى الخير والصواب حتى يستحق ان يعبد له. والمعبود لا بدان يأمر وينهى ويرشد ويهدى بل ما
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 267